اليخت 'المحروسة' الذي غادر عليه فاروق إلى إيطاليا
يوم وقف التاريخ في موقف فاصل بحياة مصر والعرب، كان ذلك نهار الأحد 27 يوليو 1952.
في ذلك اليوم وقف الناس يشاهدون الأحداث وهي تتتابع وتمضي مسرعة.
قصر التين في الاسكندرية شهد منذ الصباح الباكر مقابلات واتصالات ومشاورات.
تناول الملك فاروق طعام الغداء في الجناح الخاص وكان معه على المائدة الملكية الأميرات الثلاث (كريماته) وبعض رجال الحاشية، وبعدها سلم على جميع الخدم الخصوصيين وودعهم.
الساعة الخامسة عصرا وصل السفير الأميركي وبعده علي ماهر باشا ثم وصل آلاي من الحرس يتقدمه ضابط برتبة ملازم أول وهو يحمل العلم واصطف على الرصيف البحري لقصر رأس التين.
الخامسة والنصف نزلت من القصر الملكة ووالدتها وولي العهد وتوجهوا نحو اليخت 'المحروسة'.
السادسة نزل الملك فاروق الأول من جناحه الخاص و عندما غادرت قدمه آخر درجة من درجات سلم القصر أنزل العلم الملكي من سارية القصر، ثم عزفت الموسيقى السلام الوطني، وقال الملك مخاطبا علي ماهر باشا: 'انني أدعو لكم بالتوفيق، وأتمنى كل الخير للبلاد، ويجب على الإنسان ان يخضع لحكم الظروف والأقدار، وأسأل الله للجيش وللبلاد كل نجاح'.
ثم تقدم الضابط، الذي كان يحمل العلم، فطوى العلم وسلمه له كما تقضي بذلك التقاليد العسكرية واستدار الملك نحو قصر رأس التين وألقى نظرة ولوح بيده للمحيين، وغادر وأقفلت الستارة، لينتقل بعدها بواسطة اليخت 'المحروسة' وليطلق الطراد 21 طلقة بالمدفعية.
وتبعه الفريق محمد نجيب وعدد من القادة ليؤدوا له التحية العسكرية.
بلغ عدد الحقائب التي أخذها معه الملك 204 حقائب واتجهت المحروسة إلى إيطاليا.
أما شقيقاته فقد فضلن البقاء في مصر.
وشهدت مصر تحركات عسكرية تتقدمها دبابات قاصدة قصري عابدين والقبة وميدان رأس التين.
ودعي مجلس الوزراء الى اجتماع برئاسة رفعة علي ماهر باشا حضره الفريق محمد نجيب القائد العام للقوات المسلحة واشترك بالمداولات الدكتور عبدالرزاق السنهوري باشا رئيس مجلس الدولة.
وأعلن تنازل جلالة الملك فاروق عن العرش والمناداة بولي عهده الأمير أحمد فؤاد ملكا على ان يباشر مجلس الوصاية سلطة الملك الدستورية، وكان جلالة الملك فاروق كتب اسماء الأوصياء على نجله الملك أحمد فؤاد الثاني في مظروفين أودع احدهما في الديوان الملكي والآخر في مجلس الوزراء.
الوقائع مأخوذة عن جريدة 'المصري' الصادرة يوم 27 يوليو 1952.